أخيراً، حدث السيناريو الذي حذرت منه أوساط عدة منذ شهور؛ فقد استهدف هجوم سد كاخوفكا الشهير الواقع تحت سيطرة روسيا جنوبي أوكرانيا، ما تسبب بفيضانات غمرت مدينة صغيرة وقرابة عشرين قرية، وأدت إلى إجلاء آلاف الأشخاص، وسط تحذيرات من تداعيات ما جرى على محطة زابوروجيا النووية الأكبر في أوروبا.
أسس الاتحاد السوفييتي سد كاخوفكا في خمسينيات القرن الماضي على نهر دنيبرو، وهو يضخ المياه إلى قناة شمال شبه جزيرة القرم، ما يعني أن من شأن أي مشكلة تطرأ على السد أن تؤدي إلى مشاكل في إمدادات المياه بالنسبة للقرم.
وفاقمت الفيضانات المخاوف بشأن سلامة محطة زابوروجيا النووية الواقعة على بعد 150 كلم تقريباً عن السد المتضرر. وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن ليس هناك «خطر نووي آني» في محطة زابوروجيا، موضحة أن خبراءها في الموقع «يراقبون الوضع من كثب»، فيما لفت مدير المحطة المعيّن من روسيا يوري تشيرنيتشوك إلى أن نظام التبريد بالمياه غير متصل مباشرة بالبيئة الخارجية، ويمكن إعادة تعبئته من مصادر بديلة.
تبادل الاتهامات
وتبادلت موسكو وكييف الاتهامات باستهداف السد. وقالت روسيا إن السد تضرر جزئياً بفعل «عدة ضربات» نفّذتها القوات الأوكرانية. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن الهجوم «عمل تخريبي متعمد بشكل لا لبس فيه من الجانب الأوكراني».
بدوره، اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا بتفجير السد، مطالباً بـ«رد فعل» دولي. وقال: إن «هذه الجريمة تحمل تهديدات هائلة وستكون لها عواقب وخيمة على حياة الناس والبيئة». وشبه زيلينسكي تفجير السد باستخدام أسلحة دمار شامل.
وفيما دعت أوكرانيا وكذلك روسيا إلى اجتماع لمجلس الأمن الدولي، حمّلت القوى الغربية روسيا مسؤولية الأضرار التي لحقت بالسد، وتراوحت مواقفها بين اتهام روسيا على نحو مباشر بتفجير السد، واعتبار البعض الآخر أن ما حدث من تداعيات ما أسماه «الغزو الروسي».
واشار البيت الأبيض إلى عدم توافر أدلة ملموسة تسمح بتحديد الجهة المسؤولة عن التفجير. وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي للصحافيين: إن الولايات المتحدة «لا يمكنها في هذه المرحلة تحديد ما حصل بشكل قاطع». وأضاف: إن واشنطن ما زالت تنظر في الحادثة ولا يمكنها بعد توجيه أصابع الاتهام.
صنع القرار
في الأثناء، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تدمير أحد مراكز صنع القرار في أوكرانيا باستخدام أسلحة متناهية الدقة. وقالت في بيان: «نفذت القوات الجوية الروسية ضربة واسعة النطاق بأسلحة جوية بعيدة المدى وعالية الدقة على أحد مراكز صنع القرار في القوات المسلحة الأوكرانية». كما أعلنت تدمير مستودعات للذخيرة وعدد من الدبابات والعربات القتالية ومدافع بريطانية وفرنسية وأمريكية المصدر، في دونيتسك وزابوروجيا، وفقاً لبيان الوزارة الذي أعلن أيضاً إسقاط 3 طائرات حربية و19 مسيرة أوكرانية في خيرسون ودونيتسك.
وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إن 71 جندياً روسياً قتلوا فيما وصفه بالهجوم الأوكراني الفاشل في الأيام الماضية. وأضاف في بيان نشرته وزارة الدفاع على تيليغرام أنه جرى تدمير 15 دبابة روسية وتسع عربات مدرعة خلال القتال. ونقل البيان عن شويغو قوله «العدو لم يحقق أهدافه ومني بخسائر فادحة»، كما نقلت وكالة رويترز.
ونقلت «سبوتنيك»عن شويغو قوله: إن أوكرانيا تشن الهجوم الذي طالما وعدت به على سبعة اتجاهات من الجبهة باستخدام 5 ألوية خلال الأيام الثلاثة الماضية. وأوضح أن خسائر القوات الأوكرانية بلغت 3715 جندياً، و52 دبابة (من بينها 8 دبابات «ليوبارد» و3 دبابات AMX-10 ذات العجلات)، و207 مدرعات، و5 طائرات، ومروحيتين، و48 قطعة مدفعية ميدانية، و134 مركبة، و53 طائرة مسيرة.